الجودة والتكلفة هما العاملان الأساسيان في نجاح المشروعات والشركات الناشئة، وفي ظل التطور التكنولوجي المتسارع والتنافسية الشديدة التي نشهدها حاليًأ، أصبح من الضروري تبني حلولًا مبتكرة تساعد الشركات على تحويل العمليات التشغيلية التقليدية الى عمليات أكثر دقة وفعالية، وذلك الأمر يمكن تحقيقه بإستخدام الرقمنة والاتمتة.
ربما قد تكون سمعت عن تلك المصطلحات سابقًا ولكن لم تفهمها، أو حتى ربما قد تكون فهمت تلك المصطلحات ولم تسنح لك الفرصة لتطبيقها على أرض الواقع، ولذلك سوف نتناول في موضوعنا جميع التفاصيل حول تأثير الرقمنة والأتمتة على تحسين الجودة وتقليل التكاليف، كما أننا سوف نعرض مقارنة بسيطة بينهما لكي تفهم الأمور بشكل بسيط، لا نطلب منك سوى المتابعة حتى النهاية.
ما هي الرقمنة ؟
الرقمنة هي عملية تحويل المعلومات والبيانات من شكلها التقليدي بما في ذلك الأوراق والصوتيات والصور الفوتوغرافية الى شكل تقليدي يمكن معالجته والتحكم فيه عن طريق الاجهزة الذكية بما في ذلك الحواسيب والهواتف الذكية، بشكل أبسط هي عملية يتم فيها تحويل جميع البيانات والمعلومات الى لغة الكمبيوتر التي هي عبارة عن ارقام 0 و 1.
ذلك الأمر يمنح للشركات القدرة على تخزين البيانات والمعلومات ومشاركتها والتحكم فيها بدقة، الى جانب ذلك الرقمنة جزءًا اساسيًأ في عملية الأتمتة التي سوف نشرحها فيما بعد، بالإضافة الى ما ذكرنا الرقمنة تسهل التعاون بين الأفراد والمؤسسات من خلال مشاركة الملفات الرقمية والعمل عليها بشكل مشترك، كما أنها تجعل المعلومات متاحة للجميع بدون قيود، وبالتالي يمكن الوصول لها في أي وقت ومن أي مكان، لذلك هي عملية هامة جدًا في ظل التحول التكنولوجى الحالي.
التحديات التي تواجه الرقمنة:-
على الرغم من كونها عملية هامة في ظل خطط التحول الرقمي التي تتبناها مختلف الدول، إلا أنها تواجه مجموعة من التحديات التي سوف نوضحها فيما يلي:-
- تزايد الهجمات الإلكترونية والاختراقات التي تستهدف البيانات الشخصية والشركات والمؤسسات و انتشار الفيروسات والبرامج الضارة التي تهدد أمن الأجهزة والشبكات واستخدام أساليب الاحتيال والتضليل للحصول على معلومات حساسة من أهم التحديات التي تواجه الرقمنة حاليًأ.
- التحدي الثاني يتمثل في عدم توفر الإنترنت عالي السرعة في العديد من المناطق خاصة في البلدان النامية الى جانب عدم قدرة بعض الشركات الناشئة على شراء أجهزة متطورة تساعدها على التحول الرقمي.
- جمع بيانات العملاء وتخزينها واستخدامها في الشركات لأغراض تجارية من الأمور التي يعاقب عليها القانون في معظم الدول، لذلك الرقمنة تواجه تحديات قانونية كثيرة.
ما هي الأتمتة ؟
الأتمتة هي عملية استخدام التكنولوجيا والأنظمة الآلية لتنفيذ المهام والعمليات المتكررة التي كانت تتم يدويًا في السابق، وذلك بهدف تحسين الكفاءة وتقليل الأخطاء البشرية، بشكل أبسط الأتمتة هي استخدام التكنولوجيا لتنفيذ مهام محددة بشكل تلقائي دون تدخل بشري مباشر، على سبيل المثال استخدام التقنيات في معالجة الطلبات وتنفيذها في المتاجر الإلكترونية المتطورة.
وبفضل الأتمتة تستطيع المؤسسات تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات والخدمات من خلال تقليل الأخطاء وتعزيز دقة العمليات، الى جانب ذلك يمكن أن تساعد الأتمتة الشركات على زيادة تنافسيتها في السوق وذلك من خلال تعزيز الابتكار والنمو المستدام، كما أنها يمكن أن تستخدم في العمليات الإدارية والتصنيعية بما في ذلك إدارة المخزون وتصنيع المنتجات وخدمة العملاء والكثير من الأمور الأخرى.
كيف تعمل الأتمتة؟
تعتمد الاتمتة في عملها على مجموعة من التقنيات والأدوات سوف نشير الى أبرزها فيما يلي:-
- الحساسات (Sensors):- مهمتها جمع البيانات من البيئة المحيطة بما في ذلك درجة الحرارة والضغط والحركة وغيرها وتحويلها الى إشارات يمكن للآلة فهمها.
- وحدة التحكم (Controller):- هي عبارة عن جهاز كمبيوتر صغير أو متحكم دقيق، مهمتها استقبال البيانات من الحساسات ومقارنتها بالقيم المسجلة سابقًأ، وبناءًا على نتيجة المقارنة تصدر أوامر تستقبلها المحركات لتنفيذ الإجراءات المطلوبة.
- المحركات (Actuators):- مهمتها استقبال الاشارات التي تصدرها وحدة التحكم وبعد ذلك تعمل على تحويلها الى حركة ميكانيكية، ولها بعض المهام الفرعية الأخرى.
- البرمجيات:- هي مجموعة الأوامر والتعليمات التي تخبر وحدة التحكم بكيفية تنفيذ المهام، وعادًة يتم كتابتها بلغات برمجة خاصة، مثل لغة C أو Python.
فوائد الرقمنة
الرقمنة تقدم مجموعة واسعة من الفوائد للمجتمعات والشركات والأفراد، ولذلك لابد من الاستفادة منها في جميع المجالات، وفيما يلي سوف نسلط الضوء على أبرز فوائد الرقمنة:-
- زيادة الكفاءة والإنتاجية:- تساهم الرقمنة في تسريع العمليات وتقليل الأخطاء البشرية، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحقيق نتائج أفضل في وقت أقل.
- الوصول إلى الأسواق العالمية:- يمكن للشركات الوصول إلى عملاء جدد في جميع أنحاء العالم من خلال مواقع الويب والتطبيقات الرقمية.
- تسهيل الوصول إلى المعلومات:- تسهل الرقمنة من عملية الوصول الى المعلومات الهامة المخزنة عبر الإنترنت، وذلك الأمر يجعل عملية البحث والدراسة والتعلم أكثر سهولة.
- توفير الوقت والجهد:- تقلل الرقمنة من الوقت والجهد اللازمين لإنجاز المهام، مما يتيح للأفراد التركيز على المهام الأكثر أهمية، وذلك من خلال الأدوات المتطورة التي يمكن استخدامها في معالجة البيانات والمعلومات.
- خفض التكاليف:- يمكن للرقمنة أن تساعد في خفض التكاليف عن طريق تقليل الحاجة إلى الورق والمواد المكتبية وتبسيط العمليات، بالإضافة الى ذلك يمكن أن تساهم في خفض أعداد الموظفين والحد من تكاليف الرواتب والكثير من الأشياء الأخرى.
فوائد الأتمتة
على الرغم من أن الاتمتة والرقمنة مصطلحان مترابطان ارتباطًا وثيقًأ، إلا أن لكل منهما فوائد مختلفة يمكن لأصحاب الشركات الاستفادة منها، وفيما يلي سوف نشير الى أبرز فوائد الاتمتة:-
- التوفر المستمر والابتكار:- يمكن للآلات العمل على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع دون الحاجة إلى راحة، كما أن الاتمتة تشجع على الابتكار وتطوير تقنيات جديدة، مما يؤدي إلى ظهور منتجات وخدمات رائعة.
- تحسين الجودة وخفض التكلفة:- يمكن للأتمتة أن تساهم في تخفيض التكاليف من خلال تقليل الحاجة إلى العمالة وتقليل الهدر، كما أن الاتمتة تعمل على تقليل الأخطاء البشرية وتحسين جودة المنتجات والخدمات وذلك لأن الآلات تعمل بدقة عالية.
- زيادة الإنتاج وتحسين التخصيص:- الأتمتة تساهم في الانتهاء من المهام بشكل أسرع ، مما يقلل من الوقت اللازم لإنتاج المنتجات أو تقديم الخدمات وبالتالي يزيد الإنتاج، الى جانب ذلك الاتمتة تعمل على تخصيص المنتجات أو الخدمات لتناسب احتياجات العملاء بشكل أفضل.
- تحسين خدمة العملاء:- تقدم الاتمتة الدعم الفوري للعملاء على مدار الساعة، مما يحسن تجربة العملاء ويزيد من مستوى رضاهم، وذلك من خلال أدوات الردود الفورية والمراسلة التلقائية التي أصبحت محط أنظار جميع الشركات حاليًأ.
- تحليل البيانات واتخاذ القرارات:- الأتمتة تساعد في جمع وتحليل البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يمكن من اتخاذ قرارات مستنيرة بشكل أفضل وفي وقت أقصر.
- زيادة السلامة وتقليل الأخطاء:- يمكن أن تحسن الاتمتة من مستوى السلامة في أماكن العمل من خلال تقليل الحاجة إلى تدخل البشر في المهام الخطرة أو المجهدة، حيث يمكن للروبوتات والتقنيات المؤتمتة التعامل مع المواد الخطرة أو العمل في بيئات غير آمنة.
تأثير الرقمنة والأتمتة على تحسين الجودة وتقليل التكاليف
من خلال الدمج بين الرقمنة والأتمتة، يمكن للشركات تحسين جودة منتجاتها وخدماتها مع تقليل التكاليف بشكل كبير، وذلك يؤدي إلى زيادة التنافسية في السوق و تحسين تجربة العملاء وتعزيز الكفاءة العامة في العمليات التشغيلية، وفيما يلي من فقرات سوف نوضح كيف يمكن للرقمنة والاتمتة التأثير في الجودة والتكاليف.
تأثير الرقمنة والاتمتة على الجودة:-
تتيح الرقمنة إمكانية تخزين البيانات وتحليلها بدقة عالية، وذلك يساعد في اكتشاف المشكلات والأخطاء بسرعة، وذلك يساهم في تقليل العيوب وينعكس بشكل إيجابي على الجودة، الى جانب ذلك توفر الرقمنة وصولًا سريعًا وسهلًا إلى المعلومات المطلوبة في الوقت المناسب، وذلك يساهم في اتخاذ قرارات أفضل وأكثر دقة، بالإضافة الى أن بفضل الرقمنة، يمكن للشركات العمل على تطبيق آليات عمل ثابتة على كافة العمليات التشغيلية وتنفيذ تلك الاليات بطريقة مثالية ومتسقة.
بينما الاتمتة تقلل من تدخل الإنسان في العمليات الحساسة وذلك يقلل من الأخطاء البشرية التي قد تؤثر على الجودة، كما أن الأنظمة المؤتمتة تتيح مراقبة مستمرة للعمليات من خلال أدوات مثالية ، وذلك الأمر يساعد في اكتشاف العيوب فور حدوثها واتخاذ الإجراءات التصحيحية فوراً، بالإضافة الى أن الاتمتة تضمن أن كل عملية تتم بنفس الطريقة في كل مرة، وذلك يعني خروج منتج نهائي مثالي بجودة عالية.
تأثير الاتمتة والرقمنة على التكاليف:-
الرقمنة تعمل على تقليل الحاجة إلى الأوراق والوثائق المادية، وذلك الأمر يقلل من تكاليف الطباعة والتخزين والنقل، الى جانب ذلك الرقمنة تتيح تتبع الموارد واستخدامها بكفاءة أكبر، مما يقلل من الهدر ويخفض التكاليف، كما أن من خلال الرقمنة يمكن تحويل العديد من العمليات اليدوية إلى عمليات رقمية مؤتمتة، مما يقلل من الحاجة إلى العمالة اليدوية، وتلك الأمور تنعكس على التكاليف وتخفض منها الى حد كبير.
بينما الاتمتة تعمل على التقليل من تكاليف الأجور والمزايا، وذلك من خلال تقليل الحاجة إلى عدد كبير من العمالة البشرية، كما أنها تساهم في تنفيذ العمليات بشكل أسرع وبطريقة أقل تكلفة، مما يقلل من الوقت المطلوب لإنتاج المنتجات ويخفض تكاليف الإنتاج، بالإضافة الى ذلك تقلل الاتمتة من الاخطاء البشرية وتعمل على اتاحة استخدام الموارد بكفاءة أكبر، مما يقلل من الهدر ويخفض التكاليف المرتبطة بالمواد الخام، بالإضافة الى ما ذكرنا الاتمتة لها دورًا كبيرًا في الحفاظ على المعدات والالات وذلك من خلال مراقبتها وعمل الصيانة الوقائية اللازمة لها.
الفرق بين الرقمنة والأتمتة
سوف نعرض جدول فيما يلي يوضح بشكل مختصر الفروقات الأساسية بين الرقمنة والأتمتة، لكي تفهم كيف يمكن لكل منهما التأثير في مجالات مختلفة داخل المؤسسات والشركات:-
- التعريف:- الرقمنة عملية يتم فيها تحويل المعلومات والعمليات من الشكل التقليدي التناظري إلى الشكل الرقمي، بينما الاتمتة تعني استخدام التكنولوجيا لتنفيذ المهام بشكل آلي مع تدخل بشري محدود أو معدوم.
- الهدف الرئيسي:- تهدف الرقمنة الى تحسين سهولة الوصول إلى المعلومات و تعزيز السرعة و الكفاءة، بينما الاتمتة تهدف الى تحسين كفاءة العمليات و تقليل التكاليف و الوقت.
- نطاق التطبيق وموعده:- يمكن تطبيق الرقمنة على جميع أنواع المعلومات والبيانات، بينما الاتمتة تركز على العمليات والمهام المتكررة، عادًة ما تكون الرقمنة هي الخطوة الأولى وبعدها تأتي الأتمتة.
- التكنولوجيا المستخدمة:- في الرقمنة يتم استخدام أجهزة المسح الضوئي و برامج تحويل النصوص و قواعد البيانات، بينما الاتمتة نستخدم فيها الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي و برمجيات التشغيل الآلي.
- التركيز:- تركز الرقمنة على تحسين إدارة المعلومات وتوافرها ، بينما الاتمتة تركز على تحسين العمليات وتقليل الزمن والتكلفة في تنفيذ المهام.
- مثال:- تظهر الرقمنة بشكل واضح في تحويل الكتب الورقية الى الكترونية، بينما الأتمتة تظهر في استخدام بعض الروبوتات والحواسيب في تعبئة المنتجات داخل المصانع.
- العلاقة بينهما:- الرقمنة تهيئ البيانات والعمليات ليتم أتمتتها لاحقًا، وبعد ذلك تأتي الأتمتة التي تعتمد على البيانات الرقمية التي تم إنشاؤها من خلال الرقمنة، واستخدامهما ضروري في الشركات والمؤسسات الكبرى.
اتضح من خلال الفقرات السابقة أن الرقمنة والأتمتة تمثلان حجر الزاوية في التحول الصناعي والتكنولوجي المعاصر، وذلك لأنهما يلعبان دورًا حاسمًا في تحسين جودة المنتجات والخدمات مع خفض التكاليف التشغيلية، وفيما سبق وضحنا تعريفًا تفصيليًأ لكل منهما، الى جانب ذلك وضحنا فوائدهما وتأثيرهما على التكاليف والجودة والفرق بينهما، وإذا كنت ترغب في الاستفسار عن أي شيء لا عليك سوى تركه في تعليق وسوف يصلك الرد في أقرب فرصة.